الجمهولكيه


 

بقلم ياسر رافع 

منذ سنوات طويله وأثناء الدراسه وفي يوم من الأيام وبعد إنتهاء محاضرات في الإقتصاد والمحاسبة خرجت من المدرج متوجها لإستقلال المواصلات راجعا إلى قريتي وفي ميدان التحرير إشتريت من بائع الجرائد جريدة الأهرام كعادتي ومضيت لموقف الأتوبيس القديم بجانب المتحف المصري. وصعدت إلى الأتوبيس الذي وجدته شبه خاوي فجلست على أحد الكراسي بجوار الشباك. وقمت بفتح الجريدة لأتصفحها سريعا وفي أثناء تصفحي لصفحة الحوادث لفت إنتباهي واقعة مثيرة بطلها صحفي كان يمر في أحد الشوارع فوجد سيارة فارهه ماركة مرسيدس ( في التسعينات كانت تلك السيارة محل تندر حيث كانت هناك نكته تقول ان المستشار الألماني ذهب لشركة مرسيدس يريد سيارة فقالت له اذهب الى وكيلنا في مصر واستئذنه. لأن خط الإنتاج الأول والثاني كان محجوزا لاثرياء مصر). ووجد بجانبه سيارة تاكسي والسائق ممسك بخناق طفل ذو خمسة عشر عاما يريد تعويض عن فانوس سيارته الأجرة الذي تكسر بفعل تصادم بينهما فما كان من الطفل الا ان طلب ان يتصل من تليفون سيارته ( لم يكن المحمول قد ظهر بعد) وبعد إنتهاء المكالمة بدقائق ظهرت سيارة مرسيدس من نفس النوع الفخم ونزل منها رجل يرتدي بدله أنيقه ولم يتكلم كثيرا وقال للسائق كم تكلفة التلفيات وقبل ان يتكلم السائق أخرج من جيبه الفين من الجنيهات واعطاهم للسائق ( تكلفة الفانوس ساعتها لا تتعدى الخمسه جنيهات) ثم استدار إلى إبنه وأمام الناس وقال " إنت مش وش عربيات مرسيدس إنت لازم تركب عربيات فيات زي ولاد الشوارع" ثم استقل سيارته وابنه كذلك ومضوا الي وجهتهم ووقف الناس يسألون حائرين هل ما شاهدوه حقيقيا؟ أهؤلاء مصريون مثلهم؟ هل أصبح ولاد الشوارع من يركبون ماركة الفيات فمن نحن إذا؟

وتمر الأيام والسنوات ويتكرر نفس الموقف ولكن بطريقة بشعه حيث تطالعنا الأخبار عن شركة إسكان في الساحل الشمالي تعلن عن فيلات سعر الواحدة 105 مليون جنيه بإجمالي حجوزات 34 مليار جنيه ويتسابق علية القوم عليها وبزحام للفوز بواحدة في بلد تعاني أزمه إقتصاديه خانقه يدفع ثمنها الفقراء وحدهم

ويبقي السؤال هل هؤلاء الناس مصريون يعيشون بيننا؟ هل يتحملون مثل فقراءها؟ من له مصلحه في جعل مصر قسمين قسم Egypt بأثرياءه وقسم مصر بفقراءه؟

تخيل أن يصبح من يملك شقة في مصر الجديده من أولاد الشوارع فما بالك بوسط البلد والأرياف ماذا نطلق عليهم؟

مصر أصبحت لا جمهورية ولا ملكية وإنما " جمهولكيه " لا تعرف لها شكل طبقي وإنما انقسام مجتمعي حاد يدفع ثمنه الفقراء فقط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحب بكل الآراء ما عدا الآراء التي تحمل محتوى عنصري او يدعو إلى العنف او التفرقه السياسيه والاجتماعيه