بقلم ياسر رافع
لقد أثارت الدكتوره المصرية " نعمات شفيق" _ إسم التدليل مينوش _ رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية زوبعه سياسية ضخمة عندما أمرت بإستدعاء الشرطة للطلبة المحتجين على إستمرار الحرب في غ ز ة.. وهو أمر كان ليمر مرور الكرام لولا زيادة إحتجاجات الطلبة على هذا التصرف المخالف للأعراف والقوانين المعمول بها في أمريكا.
وهنا إنقسم العالم ( بلا مبالغة) إلى معسكرين كلا منهما يقف على إحدى ضفتي النهر يصرخ ويصيح في وجه " مينوش" التي سقطت في مجري نهر التناقضات التي تجتاح العالم الأن تصارع موتا سياسيا واجتماعيا محققا ولن يسعفها في تلك اللحظة محاولات إنقاذها من البعض. ولكن هناك إختلاف كبير بين أفكار أنصار الضفتين في تناول الحدث على الرغم من إتفاقهما على رفض ما قامت به " مينوش".
الضفة الأمريكية.. وهي مسرح الأحداث والتي أدانت وأستهحنت ما فعلته " مينوش" بل وتم إستدعائها في لجنة إستماع بالكونجرس الأمريكي لسماع شهادتها في أحداث الجامعة. ولكن إستمرار المظاهرات والإعتصامات المطالبة بوقف الحرب في غ ز ة سرعان ما جعل من النخبة السياسية الأمريكية تدعم"" مينوش " بل تذهب للجامعة لدعمها في وجه الطلاب. بل أن المرشح الرئاسي" ترامب " وقف موقف غير داعم للإحتجاجات الطلابية. فما الذي غير موقف النخبه الحاكمة من الإحتجاجات بل ومحاولات فضها بالقوة؟
لقد جاء التغير على محورين :
الأول : وهو خوف السلطة الحاكمة من تكرار سيناريو المظاهرات الرافضه لحرب فيتنام وتنامي روح العدائية في سنة إنتخابية حاسمة وكذلك إضعاف موقفها من مساندة إسرائيل والتي تراه ضروريا للمحافظة على قوتها في مواجهة التغيرات الجيوسياسية العالمية أمام روسيا و الصين. حتى لو ضحت ببعض مكاسب ديموقراطيتها في اللحظة الحالية .
الثاني : وهو إنكشاف قدرة المال المستثمر في التعليم على تغيير المزاج العام في أمريكا. حيث أن الجامعات الأمريكية تقوم على الإستثمارات والمنح المدعومة من كبار الرأسماليين. وهو الأمر الذي فطنت له الإدارة الأمريكية وهددت بتغيير نمط دعم وتمويل تلك الجامعات للحد من سلوك الإحتجاجات مستقبلا.
أما عن الضفة الأخرى من النهر في منطقتنا العربية..
فلقد أصبحت " مينوش" شيطانا رجيما يجب رجمه على شاكلة الطقوس الشرقية. فكانت الإتهامات لها بشعه طالت كل عائلتها بل مصريتها وكل المصريين من ورائها، حتى أن الإعلام العربي والمصري وجدا فيها طوق نجاة لهما من تخاذلهما في تناول الحرب، وقاما بمهاجمتها بعنف شديد وهو نفس الإعلام الذي إحتفي بقدراتها العلمية والإقتصادية التي اوصلتها لتكون أصغر من يتولى أكبر منصب في البنك الدولي. والتي كرمتها ملكة بريطانيا بتعينها في مجلس اللوردات وصولا لأن تكون رئيسة لجامعة كولومبيا.
الإعلام مزق جثتها ليرضي الشارع الغاضب بسبب ما يحدث في فلسطين. لكنه لم يكتفي بذلك بل أراد أن يغتال من وراء جثتها التي يحتمي بها الديموقراطيه وراح يكيل لها كل الموبقات وأن " مينوش" ومن ورائها السلطات الأمريكية يقومون بضرب وسحل الطلبة وأنه لا توجد ديموقراطية وكأنهم يمارسون الديموقراطية ومعتادين عليها بل ويقدمون بديلا شرقيا موازيا
أما " مينوش" التي تكافح الغرق وسط مياة النهر فلا شك أنها أخطأت خطأ جسيما فيما فعلته، ليس لكونها من أصول عربية مصرية تحافظ عليها، ولكن لإن ما يحدث في غ ز ة خارج عن الأعراف الإنسانية التي لم يختلف على إدانتها أحد.وإذا أخذنا ما فعلته في نطاق الأعراف الجامعية فقط فهو مدان أيضا.
لكن " مينوش" في غلطة سواء مقصودة أم لا، كشفت عورات السياسة والتعليم في أمريكا ومنطقتنا العربية. وهو الأمر الذي يستدعي أن تكون هناك إصلاحات في مجال التعليم تواكب تطلعات الطلاب ولجم رؤوس الأموال ووضع ضوابط لتمويل الجامعات العربية الخاصة خصوصا مع الإتجاة العام لخصخصة التعليم الجامعي. وهو الأمر الذي سيستدعي بالضرورة الديموقراطية لتسهيل عمله وهي غير موجودة على أرض الواقع العربي وهو ما سيعجل بإنتفاضات طلابية عنيفه معروف مقدما نتائجها الكارثية
" مينوش" لقد أخطأتي للمرة الثانية ولكن شكرا لك على كشف المستور في السياسه الأمريكية والعربية