نعمت شفيق وكشف المستور في السياسة والتعليم


 

بقلم ياسر رافع 

لقد أثارت الدكتوره المصرية " نعمات شفيق" _ إسم التدليل مينوش _ رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية زوبعه سياسية ضخمة عندما أمرت بإستدعاء الشرطة للطلبة المحتجين على إستمرار الحرب في غ ز ة.. وهو أمر كان ليمر مرور الكرام لولا زيادة إحتجاجات الطلبة على هذا التصرف المخالف للأعراف والقوانين المعمول بها في أمريكا.

وهنا إنقسم العالم ( بلا مبالغة) إلى معسكرين كلا منهما يقف على إحدى ضفتي النهر يصرخ ويصيح في وجه " مينوش" التي سقطت في مجري نهر التناقضات التي تجتاح العالم الأن تصارع موتا سياسيا واجتماعيا محققا ولن يسعفها في تلك اللحظة محاولات إنقاذها من البعض. ولكن هناك إختلاف كبير بين أفكار أنصار الضفتين في تناول الحدث على الرغم من إتفاقهما على رفض ما قامت به " مينوش".

الضفة الأمريكية.. وهي مسرح الأحداث والتي أدانت وأستهحنت ما فعلته " مينوش" بل وتم إستدعائها في لجنة إستماع بالكونجرس الأمريكي لسماع شهادتها في أحداث الجامعة. ولكن إستمرار المظاهرات والإعتصامات المطالبة بوقف الحرب في غ ز ة سرعان ما جعل من النخبة السياسية الأمريكية تدعم"" مينوش " بل تذهب للجامعة لدعمها في وجه الطلاب. بل أن المرشح الرئاسي" ترامب " وقف موقف غير داعم للإحتجاجات الطلابية. فما الذي غير موقف النخبه الحاكمة من الإحتجاجات بل ومحاولات فضها بالقوة؟

لقد جاء التغير على محورين  :

الأول : وهو خوف السلطة الحاكمة من تكرار سيناريو المظاهرات الرافضه لحرب فيتنام وتنامي روح العدائية في سنة إنتخابية حاسمة وكذلك إضعاف موقفها من مساندة إسرائيل والتي تراه ضروريا للمحافظة على قوتها في مواجهة التغيرات الجيوسياسية العالمية أمام روسيا و الصين. حتى لو ضحت ببعض مكاسب ديموقراطيتها في اللحظة الحالية .

الثاني : وهو إنكشاف قدرة المال المستثمر في التعليم على تغيير المزاج العام في أمريكا. حيث أن الجامعات الأمريكية تقوم على الإستثمارات والمنح المدعومة من كبار الرأسماليين. وهو الأمر الذي فطنت له الإدارة الأمريكية وهددت بتغيير نمط دعم وتمويل تلك الجامعات للحد من سلوك الإحتجاجات مستقبلا.

أما عن الضفة الأخرى من النهر في منطقتنا العربية..

فلقد أصبحت " مينوش" شيطانا رجيما يجب رجمه على شاكلة الطقوس الشرقية. فكانت الإتهامات لها بشعه طالت كل عائلتها بل مصريتها وكل المصريين من ورائها، حتى أن الإعلام العربي والمصري وجدا فيها طوق نجاة لهما من تخاذلهما في تناول الحرب، وقاما بمهاجمتها بعنف شديد وهو نفس الإعلام الذي إحتفي بقدراتها العلمية والإقتصادية التي اوصلتها لتكون أصغر من يتولى أكبر منصب في البنك الدولي. والتي كرمتها ملكة بريطانيا بتعينها في مجلس اللوردات وصولا لأن تكون رئيسة لجامعة كولومبيا. 

الإعلام مزق جثتها ليرضي الشارع الغاضب بسبب ما يحدث في فلسطين. لكنه لم يكتفي بذلك بل أراد أن يغتال من وراء جثتها التي يحتمي بها الديموقراطيه وراح يكيل لها كل الموبقات وأن " مينوش" ومن ورائها السلطات الأمريكية يقومون بضرب وسحل الطلبة وأنه لا توجد ديموقراطية وكأنهم يمارسون الديموقراطية ومعتادين عليها بل ويقدمون بديلا شرقيا موازيا

أما " مينوش" التي تكافح الغرق وسط مياة النهر فلا شك أنها أخطأت خطأ جسيما فيما فعلته، ليس لكونها من أصول عربية مصرية تحافظ عليها، ولكن لإن ما يحدث في غ ز ة خارج عن الأعراف الإنسانية التي لم يختلف على إدانتها أحد.وإذا أخذنا ما فعلته في نطاق الأعراف الجامعية فقط فهو مدان أيضا.

لكن " مينوش" في غلطة سواء مقصودة أم لا، كشفت عورات السياسة والتعليم في أمريكا ومنطقتنا العربية. وهو الأمر الذي يستدعي أن تكون هناك إصلاحات في مجال التعليم تواكب تطلعات الطلاب ولجم رؤوس الأموال ووضع ضوابط لتمويل الجامعات العربية الخاصة خصوصا مع الإتجاة العام لخصخصة التعليم الجامعي. وهو الأمر الذي سيستدعي بالضرورة الديموقراطية لتسهيل عمله وهي غير موجودة على أرض الواقع العربي وهو ما سيعجل بإنتفاضات طلابية عنيفه معروف مقدما نتائجها الكارثية

" مينوش" لقد أخطأتي للمرة الثانية ولكن شكرا لك على كشف المستور في السياسه الأمريكية والعربية

الرأسمالية والدين .. صراع أم تقاطعات وتحديات ؟!!



 بقلم ياسر رافع 


إن العلاقة بين الرأسمالية  والدين علاقة وثيقة ، تتماهى على طول التاريخ الإنسانى بين الصراع داخل المجتمع ، وبين تقاطعات مصالح بين الأتباع ، وتحديات تجعل إتحادهم وثيقا من أجل خطر داهم يهددهما ، وهو ما أوجد علاقات إجتماعية متغيرة ومتجددة على الدوام ، تبعا لتغير الأزمنه والأنظمه السياسية وتغير المفاهيم الدينية على مر العصور .
لهذا شكلت العلاقة بين الرأسمالية  والدين فى الموروث الدينى عاملا مهما فى تشكيل الوعى بالقيم السماوية ، ومدى تقبل المجتمعات لنتاج تلك العلاقة ، إما سلبا أو إيجابا !! كيف ذلك !!
...........................................................................................
مثلت العلاقة بين الرأسمالية  والدين دورا مهما فى مسار الدعوة للأديان السماوية الثلاث ، حتى أنها سلكت فى دورها الأكبر مسارا تصادميا إستدعى تدخلا إلهيا لتحييد الرأسمالية من المشهد فى بعض الأحيان ،
فمنذ أن أرسل سيدنا " موسى " إلى فرعون مصر، وطلبه أن يخرج ببنى إسرائيل من مصر إلى أرض الميعاد ، هنا تشكلت حلبة صراع بين الرأسمالية  والدين موازية للصراع بين الدين والكفر ، فقد كان " قارون " وهو من بنى إسرائيل ولكنه إنحاز إلى جانب فرعون ، ممثلا لسلطة مال عظيمه داعمه للسلطة الدينية والسياسية للفرعون فى مواجهة سيدنا موسي النبى المرسل ، حتى أنه أصبح بماله فتنه كبيرة لأتباع سيدنا موسى من بنى إسرائيل أنفسهم بنص القرأن ، قال تعالى " فخرج على قومه فى زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم " ، وقد بلغ من الثراء الفاحش ما جعله يساند فرعون فى طغيانه وجبروته ، وأمام هذا الجبروت الفرعونى المدعوم بسلطة الرأسمالية ، كان التدخل الإلهى حاسما لترجيح كفة الدين ، قال تعالى " فخسفنا به وبداره الأرض فما كان من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين " .
وكذلك عنما أرسل السيد المسيح إلى اليهود ، سلكت العلاقة بين الرأسمالية  والدين بعدا تصادميا حتى أنه عندما دخل الهيكل هو ووالدته وتلاميذه  " وكان فصح اليهود قريبا فصعد يسوع إلى أورشليم ووجد فى الهيكل الذين كانوا يبيعون بقرا وغنما وحماما والصيارف جلوسا ، فصنع سوطا من حبال وطرد الجميع من الهيكل الغنم والبقر وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم ، وقال لباعة الحمام " إرفعوا  هذه من هنها لا تجعلوا بيت أبى تجارة " . وإستمرت العلاقة فى التدهور وصولا إلى واقعة صلب السيد المسيح .
وعندما أرسل سيدنا " محمد " إلى قبيلة قريش ، لم تختلف العلاقة التصادمية بين الرأسمالية  والدين عما سبقها كثيرا ، فقد قوبلت دعوة الرسول ( ص) بالرفض فى بدايتها والإستهزاء بها ، حتى تدخل الرأسمال فى مسار الأحداث ، هنا كان الصدام حتميا ، لأن أساس الدعوة قائم على التوحيد والإيمان بإله واحد ، وهو ما يتصادم مع سلطة الرأسمالية التى تتكسب من تعدد الألهه المنصوبة حول الكعبة والقرى المحيطة بها ، والتى تدر مكاسب كبيرة وسطوه عظيمة ، وأن فكرة التوحيد ستقضى على تلك التجارة ، هنا فطنت سلطة الرأسمالية لحيله ، فعرضت علي الرسول (ص) الأموال بل وصولا لعرض تولى الملك عليهم ، ولكن الرسول (ص) رفض العرض متمسكا بدعوته ، فكان الصدام الخشن ومحاولة قتله وهو الأمر الذى عجل بهجرته للمدينه ويترك مكه .
ولكن بعد الدور الصدامى بين المال والدين ، هلى إستمر الصدام إلى النهاية ؟!
...............................................................................................
على الرغم من البدايات التصادمية بين الرأسمالية والدين إلا أن هناك تقاطعات مهمه بينهما فعلى الرغم من صدام البدايات إلا أن العلاقة بينهما شكلت مسار الأحداث عبر التاريخ ، فالتعاليم الدينية السماوية أوجدت قواعد ونظم لتنظيم علاقة المال بالناس ، بين غنيهم وفقيرهم ، وكذلك إستخدام الدين لتبرير سلوك رأسمالى سلطوي معين داخل البلدان المختلفه ، وكذلك إستخدام الحركات الدينية المناهضة للحكم للرأسمالية لتمويل أنشطتها .
وأصبحت العلاقة فى وقتنا الحاضر أشبه فى توصيفها " بمن يروض من " ، فالرأسمالية تعزز الفوارق الإجتماعية والإقتصادية داخل المجتمعات ، وهو ما يتعارض مع جوهر الدين الذى يدعو إلى العدالة والمساواة ، كما أن القيم الرأسمالية تدعو إلى الفردية والإستهلاك وهو ما يزعزع القيم الروحية والأخلاقية داخل المجتمعات وهذا يتنافى مع قيم الدين ، لهذا أصبحت العلاقة بينهما معقدة تستلزم تأملا عميقا فى كيفية تأثير بعضهما على الأخر وهل يمكن إيجاد صيغة دينية تلجم سطوة الرأسمالية على المجتمعات التى تطبقها .
هل فكرة التعايش بينهما ممكنه ، ولماذا يصر كليهما على الإنتصار ؟!
...................................................................................
فى كتابه المعنون " إقتصادنا " الصادر عام 1961 ، يأخذنا الفيلسوف والسياسى العراقي السيد " محمد باقر الصدر " فى مقارنه بين الشيوعية والرأسمالية فى إطار بحث فى الإقتصاد الإسلامى ، وخرج بنتيجة أن النظام الرأسمالى هو الأخطر على الشعوب وليس النظام الإشتراكى ، لأنه ليس له قواعد فكرية ثابته وقائم على حركة السوق وتغيراتها المختلفه .
 أى أننا أمأم حالة نظام رأسمالى سائل يتشكل حسب مصالحه ، وأنه قادر على تحويل الناس أو إستخدام معتقداتهم الدينية لتحقيق مآربه ، فإنتصار الدين بقيمة الروحية لا يعنى سيطرة كاملة على الناس ، فحركة المال قادرة على تحويل دفة الدين لصالحها ،
مثلا عندما خرج سيدنا " موسى " من مصر وذهب للقاء الله ، قام " السامرى " بجمع الذهب من قوم موسى وقام بإذابته وصنع عجل له صوت ليعبده الناس ، وعلى الرغم من وجود نبى مرسل وأيات ومعجزات إلا أن المال كان له كلمه ، وأنصاع لها كثيرا من الناس .
وكذلك عندما تم فتح المسلمون بلاد الشام ، إنحاز الحكام الجدد من نبى أمية إلى إتباع السلوك الرأسمالى ومظاهرة فى الحكم إتباعا لما كان قبلهم من حكام الروم ، وكذلك عندما فتح المسلمون بلاد فارس ، سرعان ما إنضمت طبقة البازار ( التجار ) الكبار من الفرس إلى الدين الجديد آملين فى تحقيق أرباح جديدة وقد كان لهذا السلوك أثرة على الدين الإسلامى فيما بعد .
لقد تلونت وتعايشت الرأسمالية مع الدين عبر التاريخ وأصبحا يشكلان فى عصرنا هذا مرتكزين أساسيين لحياة الناس ، وبات عليهما أن يواجها التحديات المطلوبة منهما من أجل إسعاد الناس وتلبية متطلباتهم الحيايته والدينية . فهل يستطيعان ؟!
..................................................................................
فى مصرالتى تدين بالأديان السماوية الثلاثة والتى شهدت مراحل الصدام والتقاطعات عبر تاريخها القديم والحديث أصبحت الأن راغبة أو مرغمه على التعايش بين الدين والرأسمالية ، فهل تشهد رأسمالية الدولة تعايشا بينها وبين الدين أم صراع متجدد ؟ أم تقاطعات ستستخدم فيها الرأسمالية كنعصر مرجح لتيار سياسى على آخر ؟ أم نشهد تحالفا يمثل تحديا لحل مشكلات المجتمع والبحث عن فكرة تعايش مستدام وفق رأسمالية إجتماعية تراعب البعد الدينى والإقتصادى للبلاد .
فهل نشهد عصر جديد على أرض مصر لتعايش الرأسمالية  والدين ، أم تصبح صخرة عجل السامرى فى أرض سيناء التى سك فيها عجله الذهبى شاهده على مفترق الطرق بين الرأسمالية والدين ؟
إلى قادم الأيام ؟

داعش وتفجير موسكو.. من المستفيد؟


 بقلم ياسر رافع 

منذ دخول تنظم الدولة الإسلامية ( داعش) دائرة النسيان بعد إندحاره في سوريا والعراق بصورة كبيرة، ولم نسمع عنه الا عمليات بسيطة لا ترقي لقوة التنظيم القديمة.. لكن مع بداية عام 2024 ومع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني.. ظهر التنظيم مكشرا عن أنيابه ولكن في سياق مختلف حيث ظهر وكأنه مؤيدا للجانب الغربي المساند لأوكرانيا.. حيث قام بتفجيرين في مدينه " كرمان" الإيرانية في إحتفالية مرور عام على مقتل " قاسم سليماني" قائد الحرس الثوري الإيراني أوقع خلالهما عشرات القتلى .. وعلى الرغم من القبض على بعض المشتبه بهم وقيام داعش بتبني الهجوم.. إلا أن القيادة الإيرانية لم تتبنى تلك الرواية والمحت إلى وجود طرف اخر خلفهم.

وحينما ظهر داعش مرة أخرى في موسكو موقعا عشرات القتلى وخسائر ماديه ومتبنيا أيضا تلك العملية.. وكما في الحالة الإيرانية قام القيادة الروسية بالقبض على بعض المشتبه بهم وتجاهلت الإشارة إلى داعش بل قفزت لاتهام الجانب الأوكراني صراحة.

من السابق نستخلص بعض الحقائق

1_ إن عمليتي كرمان متشابه الي حد التطابق حيث ارادها منفذها ان تكون محلية خالصه مناسبة لطبيعة الاغتيالات بها.. ففي كرمان فتفجير التجمعات المدنيه وركوب الدراجات البخاريه هو عمل محلي.. وان الهجوم بالاسلحة الخفيفة على المباني الحكومية هو أمر شائع في روسيا منذ حرب الشيشان.. وذلك يقطع بأن التنظيم ليس هو من قام بدلك

2_ إستدعاء اسم التنظيم هو بمثابة إستدعاء صيغ وتكتيكات الحشاشين في القرون الوسطى حيث إستدعاء القتله أو الاشاره لهم عند تصفية الحسابات بين الكبار

3_ دموية حادثي كرمان وموسكو تأتي على خلفية التحالف في الحرب الأوكرانية

4_ إستدعاء التنظيم على خلفية الحرب الأوكرانية الروسية له ما يغذية حيث وجود المرتزقه الذين حاربوا في سوريا والذين انتقلوا الي كلا من روسيا واوكرانيا.. والذين تشبعوا بخبرات وعقائد مختلفه

5_ استخدام التنظيم أو اسمه أصبح ضرورة لتأديب الجانب الروسي الذي يخشى تفجر فناؤه الجنوبى الخلفي المسلم بسبب ما حدث في أوكرانيا وعلاقته المباشرة فيما يحدث في غزة.

6_ تحذير السفارة الأمريكية لمواطنيها في موسكو قبل الحادث بأيام.. والحديث عن تحذير القيادة الإيرانية قبل تفجيري كرمان.. لا يبرئ أمريكا من الموضوع

7_ أمريكا تعاني شعبوية في إدارة القرار فتحاول إستدعاء الحلول التقليدية في أزمه متغيرة.. ولهذا إستدعاء داعش لم يكن موفقا لإثارة قلق تحالف روسيا وإيران..

8_ لا نستطيع أن نقطع من المستفيد من وجود داعش لأنها تحولت إلى فرقة حشاشيين قتله مأجورين موزعة الولاءات..

#امريكا تعاني أمراض انحسار القوة ولهذا وعلى الرغم من غضبها من الصين وروسيا وإيران وقدرتها الكبيرة على إستدعاء وحش القرون الوسطى " الحشاشين _داعش" الا ان هذا لن يمنع تراجعها الإمبراطورى

#داعش كل الأنظمة مستفيدة من ظهورها لتبرير سياسات أو قرارات

الممدوح قديما وحديثا


 

بقلم ياسر رافع 

عندما تراه تدرك أن هناك خللا في العقل الجمعي، وطبيعة إدراك المصريين للعلاقة بين مهنة الطب وباقي نواحي الحياة الثقافية الأخرى، فتأثير ثقافة المحتل على المصريين ضاغطه وحاكمة فجعلت من الطبيب مجرد شافي للجراح ومجبر للكسور ليس أكثر ولا أقل محصورا بين دراساته وادواته الجراحيه، حتى أصبح معظم الأطباء لا يشتركون في أي فعالية ثقافية وأصبحوا أسري الموروث الشعبي لثقافة المحتل التي تحصر دور الطبيب بين جدران عيادته فقط.

لكن هناك من الأطباء ويشهد لهم دورهم الثقافي والسياسي بذلك، حاولوا ونجحوا في تسلق جدران العيادة والهروب من قيود موروث المحتل ليعلنوا أن لهم دورا في حياة الناس بخلاف الطب كما كان أسلافهم من المصريون القدماء، دورا صحيا وتوعويا وسياسيا، يؤيدهم علاقاتهم المحورية بين الفرعون وبين الجماهير.

عندما تراه يشرح لك علاقة الطب بآلام وجراح الناس تظنه لا يعرف سواها، وعندما يحدثك عن التاريخ المصري المحض تظنه متعصبا لمصريته، وعندما يحدثك عن الإنسانية في الأديان تشعر وكأنك في حضرة متصوف عقلاني، ولكن عندما تراه يشرح لك ما خطته أزاميل الحفار المصري على جدران المعابد، تدرك على الفور أنه الطبيب الممتد بسلالته عبر التاريخ ليعلن أن الطبيب المصري ودوره في التوعية وإشاعة الوعي بكل مكونات الشخصية المصرية، باقا ولم يمت ولن يستطيع أحد أن يلغي دوره.

الدكتور " ممدوح الكرماني" نموذج حي للطبيب الناجح لدرجة الأستاذية في عمله، وأستاذ ماهر في جسر الهوة بين الأجيال شارحا وناشرا للوعي بكل أشكاله، ومنظما لرحلات للأماكن الأثرية على إختلاف أشكالها، فرعونيه وقبطية وإسلامية، وهو كاتب وأديب تشعرك كلماته وصياغاته بأنك أمام حالة إنسانية متكاملة.

حتى أنك عندما تراه أمام هرم " زوسر" يشرح ويفند ويحلل وكأنه مرشد سياحي عتيد، تظنه مجسدا لشخصية " حسي رع" أو " ممدوح رع" ( طبقا لترجمة الإسم) طبيب الملك زوسر وأول طبيب مصري في التاريخ، وكأنما أستحضرت أرواح القديم في الحديث لتشير إلى أن دور الطب والجراحة ممتد إلى حركة الوعي بكل جوانبه، ولا يقدر على هذا الدور إلا من يستطيع أن يستحضر مكنون الشخصية المصرية بثراءها متخلصا من موروث ثقافة المحتل.

تحية إحترام للأستاذ دكتور ممدوح الكرماني على ما يقوم به من نشر الوعي بالحضارة المصرية بكل مكوناتها قديما وحديثا. الممدوح قديما وحديثا

السجًاد ما عاد يؤذن !!



بقلم ياسر رافع 

أين ذهبت الصحافة؟ أين هم الصحفيون؟ لماذا لا نسمع صوتهم الهادر إلا دفاعا عن الحكام فقط؟ لماذا لا نسمع صوتهم إلا صراخا فقط عندما ينقدون الحاكم ( إذا حصل)؟

 كان في قديم الزمان رجل يصنع السجاد في محل صغير بجوار مسجد المدينه كان يمر بأزمه مع أحد أمراء المدينة ويأس تماما من أخذ حقه لسلطة الأمير الكبيرة ومساندة قاضي المدينة له، فهداه تفكيره إلى أن يصعد للمئذنه ويؤذن في جوف الليل ثم ينادي على الملك، وقد حصل. ومع إنزعاج الملك وهو نائم، فنادي على حاجبه وأمره بإحضار المؤذن المزعج. وما أن مثل رجل السجاد أمام الملك وحكي قصته وسبب الآذان في غير موعده وشكايته للأمير والقاضي المتحالف معه. فقام الملك بإحضار الأمير والقاضي وتأكد من صدق رواية رجل السجاد فأمر بإرجاع الحق لصاحبه وقام بمعاقبة الأمير والقاضي. ثم قال لرجل السجاد إذا كان لديك مظلمه أو لإحد من الناس وعجزت عن مقابلتي فأنت قد عرفت طريق المئذنه وأنا سألبي لك ولغيرك مظلمتهم. ومنذ هذا اليوم وأصبح هذا السجاد الرث الثياب هو ملاذ الفقراء وصوتهم الذي يصعد عاليا ليوقظ الملك ليرجع الحقوق فخشاه الفاسدين فعم السلام المدينه.

ومرت السنون الطويلة وأستبدلت المئذنه بالقلم والجريدة وصناعه ضخمة إسمها الصحافة يعتلي منبرها الصحفى حفيد السجاد القديم ليوقظ الحكام ويرجع الحقوق لأصحابها. ولكن مع ظهور الميكروفون وتعدد المآذن تغيرت الولاءات وأصبح للسجادين الجدد مصالح مع أو ضد الملك، فتنازعوا أمرهم بينهم ولم يعودوا صوت الشعب الرث الثياب أمام عتبات قصر الحكم والحكومة. ولم يعودوا يخيفون أحدا فلغة المصالح أصبحت تطغي عليهم. ولم نعد نسمع إلا أصواتا مكررة عن الحريات والفساد وكلام مخلوط خلطا عن حقوق الناس، ولكنها أصواتا و كلمات لم تعد توقظ النائم فما بالك بإرجاع الحقوق

راح زمن صانع السجاد خلاص !!

طوفان الأقصى والحلم الإمبراطورى الإيرانى ..هل تدخل إيران الحرب ؟


بقلم
/ ياسر رافع

طوفان الأقصى .. أكبر وأقسى عملية عسكرية  تقوم بها المقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال الإسرائيلى منذ حرب أكتوبر 1973 ، عملية عسكرية أشعرت الجميع بأن القضية الفلسطينية لم تمت ، وأنها باقية  مادامت المقاومة حية .. وأنها أماطت اللثام عن جيل جديد من المقاومين كنا نظن أن هذا الجيل لم يولد بعد ليكمل المسيره ..

لكن لم تمر سويعات قليلة  حتى ثارت الأسئلة حول تلك العملية الجسورة ، هل هى عملية محدودة أم عملية كبرى جرى الإعداد لها داخل وخارج قطاع غزة ؟ وهل هناك قوى خارج السياق العربى تدعم تلك العملية ؟ أم أن كل ذلك تم وفق رؤية حماس لطبيعة الصراع مع الكيان الصهيونى ؟ وهل تتدخل إيران بأجنحتها المسلحة فى المنطقة العربية ممثله فى حزب الله اللبنانى ، والمليشيات الشيعية فى العراق ، والحوثيين فى اليمن تنفيذا لمبدأ وحدة الساحات الذى قال به السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله ؟
ولكن كل تلك الأسئلة تبخرت فجأة مع مرور أقل من يوم على بدء العمليات العسكرية عندما تحركت الأساطيل البحرية الأمريكية والأوروبية لدعم إسرائيل التى تلقت ضربة موجعه ، وظهرعلى السطح سؤال واحد فقط هل تتدخل إيران فى تلك الحرب بعدما تحولت الميديا الغربية إلى مهاجمة إيران صراحة متهمة إياها بأنها وراء ما قامت به حماس ، بل تمادت إلى نقل تصريحات أمريكية بأن ضربة وشيكة  ستوجه إلى إيران حال تدخلت فى الصراع لصالح حماس وهو ما أدى إلى تسارع إيران لنفى علاقتها بما يحدث فى غزة وعدم علمها مسبقا بما حدث ، وهو ما أعاد التأكيد عليه السيد حسن نصر الله والذى قال بأن ما حدث هو تخطيط وتنفيذ حركة حماس لم يعلم به مسبقا .
وهنا يثورالسؤال هل تظل إيران بعيدة عن الصراع وتترك حماس التى تدعمها وحدها فى آتون الحرب ؟
.............................................................................................
بعد أن دخلت الجيوش الإسلامية آراضى الدولة الساسانية الفارسية ، كان هذا إيذانا بزوال الحكم الفارسى ، وكذلك بالتبعية مفهوم الأمن القومى لها والمتمثل فى مجالها الحيوى الممتد عسكريا وسياسيا لشواطئ البحر المتوسط وشرق أوروبا شرقا ، وجنوبا حتى اليمن ، وإعتبارما يقع فى تلك المساحة الجغرافية هو بمثابة المجال الحيوى الإيرانى لا يجوز لأى من القوى الدولية أو المحلية التدخل فيه إلا بإذن وإلا كانت الحرب واقعة لا محالة .
ولكن إيران التى قبلت الإسلام كدين ولم تقبل اللغة العربية كلسان ، وعلى الرغم من إنتهاء إيران الساسانية كإمبراطورية لها أمن قومى تدافع عنه ، إلا أنها لم تنسى أبدا أنها كيان متميز داخل الكتلة الإسلامية التى أصبحت جزءا منها ، فكان التشيع المذهبى شيئا مميزا لها ، ناهيك عن محاولات لها فى السيطرة على هذة الكتلة  فكانت الثورة العباسية المدعومة من الساسانيين القدامى الذين أعلنوا إسلامهم ، والتى أسقطت حكم الأمويين العرب ، وأقاموا الخلافة على العباسية مكانها ، ولكن على الرغم من المحاولات التى تلت ذلك إلا أن إيران لم تظهر إلا ضمن كتلة ضخمه وتاهت كل المحاولات للعودة لكيان إيرانى خالص .
ومع ظهورالدولة الصفوية فى إيران بداية القرن السادس عشر، حاولت إيران فرض نفوذها الإقليمى ، ولكنها إصدمت بسيطرة دولة المماليك فى مصر والتى تسيطرعلى شاطئ البحر المتوسط وحتى اليمن جنوبا ، ومن بعدها الدولة العثمانية ، وهو ما قضى على حلم آخر لإيران للعودة إلى ممارسة دور إمبراطورى فى المنطقة يعيد لها مكانتها القديمة .
ومع بزوغ عصرالدولة الوطنية كانت دولة الشاهنشاة هى التى تسيطرعلى إيران وهى الأخرى روادتها أحلام العودة إلى الحلم الإمبراطورى ولكن قابلتها سيطرة غربية بريطانية وفرنسية على المجال الحيوى لها وهو ما جعل الحلم يتبخر مرة أخرى ، حتى قامت الثورة الإسلامية 1979 والتى جاءت بمظهرملهم وسط تنامى ظاهرة الأفكار الدينية حول العالم ، وخاصة التيارات الإسلامية فى المنطقة العربية بشقيها السنى والشيعى ، ولكن تبنى الثورة لمبدأ تصدير الثورة جعلها فى مواجهة مباشرة مع أمريكا والغرب الذى فقد نفوذة فى إيران بعد زوال حكم الشاة ، وكذلك فى مواجهة أنظمة الحكم فى المنطقة العربية والتى لا تريد تنامى لنفوذ إيرانى حتى ولو طالت اللحى ولبست مسوح الإسلام ، فكانت الحرب سريعة بين النظام الوليد فى إيران ونظام الحكم فى العراق ، فكانت الحرب العراقية الإيرانية ، والتى إمتدت لعشر سنوات تقريبا ، وما أن إنتهت حتى ظن الجميع أن إيران المثخنه بالجراح لم تعد قادرة على ممارسة دورا إمبراطوريا ، حتى جاءت الجوائز السياسية والإستراتيجية التى لم تتوقعها إيران لعودتها لإحياء الحلم الإمبراطورى ، فقد دخل العراق الكويت غازيا فقام العالم بهزيمته وتحرير الكويت ، وحصاره لأكثر من عشر سنوات إنتهت بإحتلال أمريكا وشركاءها العراق 2003 ، وهو ما أزاح من طريقها خصما مباشرا دون بذل مجهود .
ومع قيام ثورات الربيع العربى 2011 والتى جاءت فى مصلحة إيران حيث سيطرت على العراق عبر مليشياتها والتى كتبت الفصل الأخير لسيطرة إيران على العراق وخاصة بعد القضاء على تنظيم داعش ، وهو ما تزامن مع دخول الجيش السورى فى حرب أهلية مع الثورة السورية ، وهو ما وفر لإيران فرصة للتمدد نحو شواطئ البحر المتوسط وإيجاد موطئ قدم هناك بعد دخولها مباشرة لمساندة الجيش السورى بجانب حزب الله اللبنانى الشيعى ، وهو ما تكرر فى الثورة اليمنية التى تحولت إلى حرب أهلية هى الأخرى ، فقامت بمساعدة الحوثيين الشيعة الذين  يخوضون حرب أهلية تحولت إلى حرب إقليمية .
وما أن قامت الحرب الروسية الأوكرانية ، حتى وجدت إيران جائزة آخرى لم تكن تتوقعها ، فطلب روسيا مساعدة إيرانية ضد أوكرانيا داعب الحلم الإيرانى الإمبراطورى القديم  فى شرق أوروبا ، ووجدته فرصة لممارسة النفوذ وخلق تحالف يكون بمثابة درع يحميها ضد الهيمنة الأمريكية والغربية .
وبعد أن تحقق الحلم وتساقطت الدول العربية كقطع الدومينو وأصبح التواجد الإيرانى الخالص فى أوروبا الشرقية وسواحل البحر المتوسط فى سوريا ولبنان وغزة بدعم حركة حماس ، وفى اليمن ، هل هناك عائق أمام إيران لممارسة دورا إمبراطوريا يضمن لها هيمنة سياسية وعسكرية كما كانت قبل زوال الإمبراطورية الساسانية ؟
......................................................................................................
بعد إندلاع العمليات العسكرية يوم 7 أكتوبر وما بعدها فى قطاع غزة ، كانت التصريحات الإيرانية وأذرعها فى العراق ولبنان وسوريا واليمن حاسمه فى دعمها لحماس ، بل وصلت التصريحات بالتهديد فى دخول الحرب لضمان عدم هزيمة حماس والتى إعتبروها مكملة لوحدة الساحات التى تعتبر بمثابة ميثاق شرف بين تلك التنظيمات ، وتحولت تلك التصريحات لواقع فأنطلقت المناوشات العسكرية بين تلك التنظيمات والقوات الأمريكية والإسرائيلية ، لكن بقيت إيران تحاول تهدئة الأجواء حتى لا تدخل فى مواجهة واسعة فى كامل الإقليم تدرك حتما أنها ستخسر تلك المواجهة مما سيفقدها فى النهاية حلم إمبراطورى أصبحت ملامحة واضحة المعالم ، وهو ما جعل وزير الخارجية الإيرانى " حسين أمير عبد اللهيان " يحذر من أن سقوط غزة هو بداية لسقوط القنابل الفسفورية على طهران فى إشارة إلى إنتصار أمريكا وإسرائيل والذى لن يقف عند حدود غزة بل سيكون سقوط بقية أذرع إيران فى لبنان واليمن والعراق هو تداعى لإحجار الدومنيو ستكون نهايته حربا على الأراضى الإيرانية ذاتها ، وهو مالا تريده إيران
هل هذا هو ما كبل إيران فى دعمها لحماس فى حربها ضد الإحتلال الصهيونى ؟ أم هو تكتيك مرحلى حتى تهدأ العمليات العسكرية لتبيان شكل وطبيعة المرحلة القادمة ؟
..............................................................................................
كل المتابعين للحرب فى غزة كانوا يتوقعون دخولا لإيران على خط الأزمة عسكريا عبر أذرعها فى المنطقة ، لكنها توقفت فجأة بسبب حجم القوة الهائلة للإمبراطورية الأمريكية والغربية والتى جاءت لتحافظ على نفوذها ، وأن إسرائيل ليست أوكرانيا ولا هى الدول العربية ، لهذا تراجعت للخلف لحين وجود مستجدات تجعلها مجبرة على دخول الحرب وذلك لسببين آساسيين :
السبب الأول : أن عنصر المفاجأة لمباغتة أمريكا والقضاء على إسرائيل _ إن وجد أصلا _ قد فلتت لحظته الراهنه وعليه فإن إنتظارما سيحدث بعد إنتهاء العلميات العسكرية فى غزة هو الطريق الأمثل لضمان عدم قطع أذرعها مع الإبقاء على إرسال الرسائل يوميا عبرعمليات عسكرية لأذرعها فى العراق ولبنان واليمن لأمريكا بأنها قادرة على خوض الصراع إن فرض عبيها لضمان عدم ضياع الحلم الإمبراطورى .
السبب الثانى : أن التضحية بحركة حماس فى مرحلة معينة من الصراع سيكون أمرا واردا من أجل الخروج بصفقة تضمن عدم الإعتداء عليها أو على أذرعها فى المنطقة ، لأن حركة حماس فى كل الأحوال متعددة الولاءات الإقليمية وليس لها ولاء تام لإيران . أو أن تخرج بصفقة تضمن إنتهاء الحرب وضمان عدم القضاء على حماس نهائيا وجعل طهران هى الملاذ الأخير لقادة الحركة بعدما أصبح وجودهم فى تركيا وقطر يشكل عبئا كبيرا بعد ما حدث فى 7 أكتوبر يضمن لها دورا فى ترتيبات ما بعد حماس سياسيا إذا حدث وتم القضاء على الجناح العسكرى لحماس .
.....................................................................................................
إيران ذات الحلم الإمبراطورى القديم المتجدد ، لن يكون قرار دخولها أو عدم دخولها الحرب فى غزة سهلا بل سيكون مرهونا بدروس التاريخ منذ نهاية الإمبراطورية الساسانية ، وما تملية الجغرافيا السياسية والتغيرات الجيوسياسية العالمية . وأعتقد أن إيران لن تدخل الحرب لضمان عدم دخول تركيا ومصر فى صراع مباشر معها يحول الحلم إلى صراع سنى شيعى تعلم مقدما بنتائجه الكارثية عليها . وحتى تنتهى الحرب على غزة فسنرى ما ستؤول له الأوضاع فى المنطقة

سيناء وطوفان الأقصي


 

بقلم ياسر رافع

سيناء البقعة الوحيدة من كل البقاع العربية الحاضرة دائما في الصراع العربي الإسرائيلي حيث تمثل بعدا تاريخيا ودينيا في طبيعة الصراع وكذلك هي الممر الأكثر عبورا وإستخداما من الناحية العسكرية. حيث كانت معبرا للجيوش في حرب فلسطين 1948.. وموطن قتال في حروب 1956 و 1967 و 1973 على التوالي. ولم تكن سيناء غائبة عن أي مسار تسوية في المنطقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فبعد إستعادة سيناء بعد معاهدة السلام 1979 بين مصر وإسرائيل يظهر إسم سيناء ويخبو كلما زادت سخونه الأوضاع الفلسطينية وتكون محل مساومه في غيبة أهلها.

ففي أكثر من مناسبة تم عرض سيناء كوطن للفلسطينيين في قطاع غزة في محاولة لحل وتصفية القضية الفلسطينية من الجانب الغربي والأمريكي.. ولكن تلك العروض دائما ما تقابل بالرفض من الجانبين المصري صاحب الأرض والفلسطيني صاحب القضية.

ففي أعقاب إنتهاء الإنتفاضة الفلسطينية التي إندلعت في العام 1987 قدم عرض إسرائيلي للقاهرة بإدارة قطاع غزة ولكن القاهرة رفضت هذا العرض لأن هذا يعتبر تصفية للقضية الفلسطينية... وكانت هذه أولى خطوات التخلص من قطاع غزة ولكنها فشلت وخرجت القوات الإسرائيلية من القطاع.

وفي أثناء توقيع إتفاقية وادي عربه 1994 تم تكرار الحديث عن التخلص من قطاع غزة على حساب سيناء، حيث طلب الرئيس الأمريكي " بيل كلينتون" من مصر ان تعطي قطعة من أرض سيناء لتوسيع قطاع غزة أو إعادة توطينهم في سيناء كحل نهائي للقضية الفلسطينية وكالعادة قوبل الطلب بالرفض المصري والفلسطيني.

وتمر السنوات حتى تأتي إدارة الرئيس الأمريكي " ترامب" وتكرر نفس العرض ولكن بصيغة إتفاقية شاملة إسمها" صفقة القرن" والتي أهم بنودها هو توطين فلسطيني أهل غزة في مساحه واسعه من سيناء. وكالعادة أيضا تم رفض فكرة تبادل الأراضي من الجانب المصري والفلسطيني

ومع إندلاع العمليات العسكرية المسماه " طوفان الأقصى" الذى قامت بها الفصائل الفلسطينية بقيادة " حماس" ضد إسرائيل. ومع النجاحات الباهرة لقوات المقاومة ومع إعلان إسرائيل حالة الحرب وبدعم أمريكي وغربي غير محدود، تظهر سيناء مرة أخرى لتكون محل سجال ونقاش وكأن هناك من يريد إستكمال مخطط ومصمم عليه. فمع تواصل قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لقطاع غزة كرد على عمليات طوفان الأقصى تم تداول أخبار عن قصف إسرائيلي لمعبر رفح بين غزة وسيناء كتمهيد إسرائيلي لهروب الفلسطينيين في إتجاه سيناء كلاجئين ثم يتم توطينهم بالأمر الواقع. وظهرت تحليلات عن تواطئ مصري وهلما من الأخبار الغير صحيحة

الأخوة الفلسطينيين هم مرحب بهم وتم فتح كل المستشفيات في سيناء لإستقبال جرحي العدوان الإسرائيلي. ومرحب بهم حتى إنتهاء العدوان وعودتهم إلى بلادهم. غير ذلك هو أمر غير مقبول لأنه سيكون فرض لأمر واقع لعدوان عسكري يريد التوطين وتثبيته بالقوة بعدما فشل فيه دبلوماسيا. وان هذا يعتبر تصفية للقضية الفلسطينية وهو ما سيجر مصر لتداعيات أمنية لا قبل لها بها في تلك المرحلة الحرجة من تاريخها.

سيناء وطوفان الأقصى حلقة من ضمن حلقات متصله لن تكون الأخيرة التي يجري الحديث عنها ضمن مساومات حول حل القضية الفلسطينية

كمال وجوده 16



بقلم ياسر رافع 

 يجلس وحيدا على القهوة في الهواء مستمتعا بنسمة هواء منعشه جاءت بعد يوم حار مصاحب لعاصفة ترابية آتت في غير ميعادها في هذا الوقت من العام. وبينما هو مستغرق في المشاهدة فيما حوله، لفت نظرة قطة جميلة من النوع السيامي الجميله تجلس منزويه في ركن جنب الحائط وهو شئ غير معتاد وجود مثل تلك القطط في هذة الأماكن، فحاول مداعبتها وإحضار طعام لها إلا أنها رفضت الأكل وغاصت في نفسها وكأنها تخبره بأنها " بنت ناس وجار عليها الزمن".. هنا يظهر " جوده" صديقه فجأة...

جودة.: السلام عليكم يا كمال

كمال : وعليكم السلام

جودة : إية يا كمال هوا إنت بقيت بتاع قطط ولا إيه؟

كمال : بتاع قطط!! لا دي قطه شكلها بنت ناس متربيه لقيتها فجأة ومش راضية تاكل

جودة : حنين أوي يا كمال.. دا احنا مش لاقين ناكل

كمال : حرام عليك دي روح بردوا. وشكلها اللي كانت عنده رماها في الشارع علشان مش عارف يأكلها

جودة : تصدق عندك حق يا كمال.. جاري عنده قطه كان مدلعها وبيأكلها ويحميها.. وفجأة من كام يوم لقيتها في الشارع بتاكل من الزباله

كمال :الدنيا إتغيرت والحاله الإقتصادية بقت صعبة


فجأة يظهر صبي القهوة ويلفت نظره الحديث الدائر حول القطه بنت الناس فيقول " يا باشا دي مش اول قطه دا اللي زيها كتير وبردوا مش راضيين ياكلوا"

وبعد حديث مالوش لازمة قال " تشربوا إيه؟".. وبعد ما اخد طلباتنا تركنا ومضى...

جودة :إلا قولي.. واد يا كمال.. انا ملاحظ حاجة بقالها فترة على القهوة؟

كمال : حاجة إيه يا شارلوك هولمز

جودة : من غير تريقه بروح أمك!!

كمال : هههههه خلاص كمل كلامك

جودة : إنت مش ملاحظ إن فيه ناس جديدة بقت تقعد على القهوة، وناس تانية إختفت!!

كمال :هههههه آخيرا أخدت بالك.. دا موضوع بقاله سنتين

جودة :إزاي


في هذة اللحظة صبي القهوة أحضر الطلبات وبدأ في وضعها على المائدة ثم مضي، وبينما يضع كمال السكر في الشاي 


جودة : مقولتليش يا كمال إيه اللي حصل في السنتين اللي فاتوا

كمال : شوف يا سيدي..  الأزمة الإقتصادية أثرت على رواد القهوة.. ظهرت ناس جديدة وإختفي معظم القديم

جودة : مش فاهم

كمال : الأزمة الإقتصادية ضربت الطبقة الوسطى جامد فظهرت طبقة جديدة إسمها طبقة " المنزلق والمكسوف"

جودة : هههههه شوف بروح أمك.. انت هتشتغلني انت فاكرني عبيط

كمال : اشتغلك ايه يا جحش؟.. دا واقع...

جودة : طيب فهمني بالراحة متزعلش

كمال : الحكاية بسيطة.. الطبقة المتوسطه دي ثلات طبقات.. عليا ومتوسطه وسفلي.. الأزمة الإقتصادية اشتغلت واشتدت.. فاللي في المتوسطة و السفلي وقع تحت خط الفقر.. والعليا بقت تكافح علشان متقعش.. فسموها الطبقه المنزلقه

جودة : هههههه طيب والمكسوف فين!

كمال :  هههههه المكسوف دا بقى كان متوسط والفقر بيشد فيه فبيكافح بالمظاهر علشان الناس متشمتش فيه

جودة : هههههه انت عيل كافر.. كل دا انت ملاحظة.. طيب اديني مثال

كمال : ركز كدا بعينك هتلاقي ترابيزات موجود عليها دكاترة ومهندسين وأصحاب اعمال متوسطه ومسافرين..

جودة : هههههه دول مالهم

كمال : دول طبقه منزلقه

جودة : هههههه يا ابن الصرمه هموت من الضحك.

كمال : هههههه دول بقى مكانوش بيظهروا اصلا على القهوة الا نادرا  

جودة : طيب الباقيين

كمال : معظمهم من طبقة المكسوفين ودول بيبقوا شبه حسب الله السادس عشر في فيلم شارع الحب.. آلاطه بس

جودة : ودول أعرفهم إزاي 

كمال : ركز مع القهوجي 

جودة : يعني إيه 

كمال :أصبر 


( أشار كمال لجودة ان ينصت لحديث دائر بين صبي القهوة واحد الجالسين.. 

الزبون : انا عاوز سكر للشاي

صبي القهوة : ما انا حطط لك سكر في الشاي

الزبون : بس الشاي دلع وعاوز شوية سكر 

صبي القهوة : حاضر من عنيا..) 


جودة : مش فاهم حاجة

كمال : هههههه دا حوار شايع ودايما بيكون بين صبي القهوة وزبون من طبقة المكسوفين.. وفي الغالب مش هيجيبلة السكر

جودة :هههههه احا 

كمال : علشان كدا بقولك ركز

جودة : انا عاوز أسألك عن واحد كدا.. 

كمال : قول ما تتكسفش

جودة : هههههه انا خايف من لسانك

كمال : متخافش 

جودة : الأستاذ (....).. دا نظامه اية.. منزلق ولا مكسوف

كمال : هههههه انت عارف الطبقه السفلى اللي قلتلك عليها من شويه

جودة : آه مالها

كمال : دي بقي ممكن نسميها طبقة القطه السيامي.. زي نظام اكرموا عزيز قوما زل.. يعني التزم الصمت وانعزل

جودة : هههههه يا نهار اسود

كمال : ما تيجي نقوم بقى وكفاية كدا ؟ 

جودة : ليه ما تخلينا قاعدين شوية؟ 

كمال : لا اصل انا هشتري حاجات للبيت

جودة : هههههه يعني معاك فلوس.. الا قولي وانت يا كمال منزلق ولا مكسوف؟ 

كمال : هههههه شوف يا جودة.. انا واقع في المنطقه اللي بين المكسوف والقطه السيامي.. قوم يا ابن المره علشان نروح


( هههههه ضحك متواصل بينما يقفان إستعدادا للرحيل.. ونادوا على صبي القهوة.. و حاسبوا على المشاريب ثم مضيا في طريقهما)

فلسفة الحكم وهدم المقابر



بقلم ياسر رافع 

في عام 1874 قام المهندس الفرنسى هوسمان بناءا على توجيهات الخديوي " إسماعيل" بشق شارع " محمد علي" على غرار شارع ريفولي ليحاكى نفس طراز الشارع الباريسى.. ولكن واجهتهم مشكلة ففي أول الشارع القديم  كانت هناك مقابر معروفة باسم ترب الأزبكية وترب المناصرة، فقامت الحكومة آنذاك بنقل الرفات إلى مقابر أخرى، واشترت محال ومبانى كانت موجودة فى المنطقة من أصحابها وهدمتها لإنشاء الشارع..  ( نقلا عن المصري اليوم). 

في العام 2023 الحالي قامت الحكومة المصرية بهدم بعض المقابر وأضرحة ضمن خطة التحديث والتطوير في البنية الأساسية للطرق والكباري.. وتم تعويض أصحابها ونقل الأضرحة إلى مكان آخر..ولكن ثارت ضجة كبيرة لا زال صداها مستمرا عند كل مقبرة توضع عليها علامة الإنذار بالهدم.. لماذا؟!

هل لأننا نتكلم عن حرمة الأموات؟ من هم الأموات أشخاص من صفوة القوم أم من عوامهم؟ هل ندافع عن قبر أثري؟ أم ندافع عن شكل معماري يحمل الماضي بين طياته؟

هل نرفض التحديث أم نرفض سلوك السلطة وفلسفتها في الهدم والبناء؟

أسئلة لن نجد لها إجابة محددة نستطيع بها أن نرد على كل هذة التساؤلات لسبب بسيط وهو أن هناك سؤال يجب أن نطرحة على أنفسنا ونكون صرحاء في الإجابة عليه وهو " ما هي فلسفة الحكم في مصر فيما تقوم به من هدم وبناء؟".. الإجابة على هذا السؤال حتما ستأخذنا إلى مساحات جدلية وربما نتراشق بالسباب.. وننقسم إلى حزبين كبيرتين متضادين.. كلا منهما يناصر وآخر يعارض ولن نصل لنتيجة فالهدم مستمر ما دامت رؤية الدولة ذاهبة في طريقها الذي تراة مناسبا لإحداث نهضة معمارية وإنشائية.

وعليه فلنقف ونصارح أنفسنا ونقول لماذا نتفاخر بإرث الخديوي إسماعيل المعماري الذي قام على إزالة المقابر الآن.. هل لإننا لم نكن حاضرين في هذا الزمن لنعترض !! أم أن تلك المقابر كانت لعوام الشعب ولم يكن من بينهم أحدا يشار له بالبنان لعلم أو لمنصب سلطوي !! ولذلك صمت الجميع.

إن كل المعترضين لهم وجاهة في طرح الإعتراض على الهدم سواء من ناحية أثرية المقابر وما يحتوى بعضها من أشكال هندسية نادرة لحقب زمنية سابقة.. أو أن بعض تلك المقابر لإشخاص أثروا في تاريخنا القديم والمعاصر، سياسيا وإجتماعيا وثقافيا، رأي الكثيرون أن أفضل تكريم لهؤلاء الراحلون هو إبقاء رفاتهم كما هي في مقابرهم دون المساس بها.

وبما أننا وصلنا إلى طريق مسدود لحل تلك الأزمة بطريقة عصرية.. للوصول لحل يرضى الجميع، هنا نستطيع أن نخاطب الدولة على طريقة فلسفة الحكم التي إعتمدها حكام مصر منذ الملك " مينا" وحتى الآن والقائمة على فلسفة حكم متوارثة وهي " أنه عندما تريد الدولة شيئا تفعله" بغض النظر عن الإعتراضات الشعبية.. منذ قرار بناء الأهرامات والمعابد.. وقرارات محمد علي باشا التحديثية.. وقرار حفر قناة السويس للخديوي سعيد باشا.. وقرار تحديث القاهرة للخديوي إسماعيل باشا.. و إصلاحات الرئيس جمال عبد الناصر. وتلك المخاطبه يجب أن تكون وفق رؤية غير تصادمية تطرح حلولا بديلة ما دامت تعارضت فلسفة الحكم مع الإعتراضات النخبوية والشعبية، فمثلا في شهر يناير الماضي نشر خبر بتاريخ 21 يناير 2023 في موقع اليوم السابع كالتالي " تعقد  لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس الشيوخ، اجتماعا غدا، لمناقشة الاقتراح برغبة المقدم من النائب محمد مجدي فريد بشأن "إقامة مقبرة للعظماء في العاصمة الادارية الجديدة"، وذلك وسط حضور ممثلي الحكومة"

وهذا في ظني إقتراح بديع يجمع بين فلسفة الحكم وضرورات التنفيذ والمعترضين على أرضية مشتركة.. حيث يتم الموافقة على بناء تلك المقبرة على غرار مقبرة العظماء في باريس" البانثيون " وننقل رفات كل العظماء التاريخيين في كل المجالات.. وهذا سيكون أفضل تكريم للجميع ولا يقتصر على أصحاب مقابر معينه شاء حظهم العثر أن يقعوا في طريق فلسفة الحكم المصرية. أما المقابر ذاتها إذا كانت تتميز بالطابع الأثري فلا ضير من تفكيكها وإعادة بناؤها في أماكن أخرى تليق بها.. كما فعل مع معبد أبي سمبل سابقا وغيره..

دعونا لا نهدر الوقت في مناطحه لن تغير شيئا، خصوصا وأن فلسفة الحكم في التنفيذ أسرع من حركة المعترضين، لهذا دعونا نبحث عن حلول مبتكرة لتفادي ماهو قادم.. نراعي فيها الحفاظ على التوازن بين القيمة التاريخية والأدبية لمن رحلوا، وبين إحتياجات الناس الأحياء للتطوير.

سؤال أخير يؤرقني ولا أجد له إجابة وسط هذا الزخم من الإعتراض، وتسويد الصفحات دفاعا عن مقابر الشخصيات العامة الراحلة. وهو لماذا ندافع عن الشخصيات العامة بحرارة وننسي مقابر الفقراء! هل نذكر مقابر عمال بناة الأهرامات! هل نذكر مقابر من حفروا قناة السويس! هل دافعنا عن مقابر من جاور مقابر المشاهير من الفقراء الذين أخذوا تعويضاتهم التي لن تغنيهم عن الذكريات ورحلوا؟

رؤية مصرية لأزمة السودان .. دولة واحدة ونظامين عسكريين !!



بقلم ياسر رافع


لم يكن مشهد الضباط والجنود المصريين وهم مأسورين على يد ميليشيات الدعم السريع السودانية ، والتى هاجمت مطار " مروى " السودانى على وقع القتال الدائر بينها وبين الجيش النظامى السودانى ، مشهدا إعتياديا بالنسبة للشارع المصرى الذى ينظر لقواته المسلحه بنوع من التقدير المتصل بتاريخ عسكرى كبير من الإنتصارات العظيمة ، فقد رأى جنوده مطروحين أرضا يقوم بعض افراد تلك الميليشيات بسبهم والإحتكاك بهم ، وهو الأمر الذى أثار شحنه عارمه من الغضب ! وأسئلة كثيرة حول طبيعة تواجد القوات المصرية فى السودان !
وهل لتلك القوات علاقة بالصراع الدائر بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع ! وهل مصر تساند طرفا على حساب طرف فى تلك الأزمة ؟!

أسئلة لم تدم لساعات حتى خرجت مصر الرسمية لتعلن عن آسفها لما حدث لقواتها والتى تقوم بمهام روتينية فى إطار تعاون مسبق مع الجيش السودانى ، وأن مصر ليس لديها آى علاقة بالصراع على السلطة الدائر بين الجيش والدعم السريع ، وآن على قوات الدعم السريع تأمين سلامة قواتها وضمان عودتهم مرة آخرى إلى مصر سالمين . وجاءت تلك التصريحات على لسان رأس السلطة فى مصر أثناء إجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية برئاسة الرئيس " عبد الفتاح السيسى " .
وعلى الرغم من التهدئه الضمنية التى أوصلتها القيادة المصرية للشعب على سلامة موقفها من الصراع الداخلى السودانى ، وكذلك التأكيد على سلامة وعودة القوات المصرية من السودان _ وهو ما حدث بالفعل_ إلا أن التساؤلات ظلت محبوسة داخل الصدور حول طبيعة الدور المصرى فى السودان فيما هو قادم خصوصا مع إحتدام المعارك هناك ، وأصبح بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة محتاج لتفسير حول دور مصر فى حال تحولت الأزمة فى السودان لحرب آهلية ، هل تظل بعيدة عن ذلك الصراع ! أم ستتدخل لحماية آمنها ! ومع من ستقف الجيش السودانى أم ميليشيا الدعم السريع ؟ وهل كانت هناك إشارات لذلك الصراع ؟
...........................................................................................
فى العام 1979 وفى أعقاب الثورة الإسلامية فى إيران قام الحكام الجدد " الملالى " بتأسيس ميليشيا الحرس الثورى بجانب الجيش الإيرانى الذى عزل وحوكم معظم قوادة بعد الثورة بسبب إنتماءاتهم لنظام الشاة البائد ، وكان سبب تكوين قوات الحرس الثورى هو حماية النظام الثورى من أعداءة ويكون بجانب قوات الجيش المعاد تنظيمه قوة لا يستهان بها فى الإقليم .
لكن بمرور السنوات كبرت وتوحشت قوات الحرس الثورى حيث أصبحت أقوى تسليحا وعتادا من الجيش ، بل وتمتعت بإمبراطورية مالية وسياسية كبيرة مما جعل أى تغيير فى رأس السلطة فى إيران يمر عبر موافقة تلك القوات والتى يرأسها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية ، وأمتد تأثيرها من الداخل الإيرانى إلى كامل الإقليم وأصبح ظهور إسم تلك القوات أو إنخراطها فى أي نزاع إقليمى مثار خشية من طبيعتها العسكرية والأيديولوجية . وتشعبت علاقاتها الدولية وكذلك تحالفاتها.
وهكذا كانت الإشارة الأولى لمصر التى فوجئت بدولة ونظامين عسكريين ، وعلى ما بدا من سياق الأحداث فإن مصر تعاملت مع الوضع بالطريقة التقليدية فى إطار العلاقات العربية الإيرانية سياسيا ، وليس من منطق طبيعة إنشقاق القوة العسكرية الإيرانية ومدى تأثيرة مستقبلا على المنطقة .
فهل تكررت الإشارات ؟!
..............................................................................
من رحم الحرب الأهلية اللبنانية وبعد الإجتياح الإسرائيلى للجنوب اللبنانى 1982 ، تأسس فى لبنان " حزب الله " فى العام 1982 ليؤسس كيانا سياسيا وإجتماعيا يدافع به عن الطائفة الشيعية فى الجنوب اللبنانى ، وليؤسس لشرعية جديدة فى تكوين فسيفساء الجدار السياسى اللبنانى ، ولكنه حدد أيديولوجيته قائلا " مشروعنا الذى لا خيار لنا أن نتبنى غيره ، كوننا مؤمنين ، هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام ، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التى يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولى الفقيه الإمام الخومينى " .
وهكذا حددت عوامل الحرب الأهلية والإجتياح الإسرائيلى والطبيعة الإيديولوجية  ، طبيعة حركة الحزب وفلسفته فيما هوا قادم ، الذى ما أن إنتهت الحرب الأهلية 1990 حتى أصبح الحزب بمرور السنوات الأكثر تسليحا وعتادا بل الأكثر تاثيرا فى السياسية اللبنانية التى أصبح جيشها الرسمي كيانا لا يذكر أمام تسليح قوات ميليشيات حزب الله الأكثر تدريبا وتسليحا ، بل أصبح للحزب تمثيلا دوليا يتمتع بشرعية القوة على الأرض فى لبنان لدى كثير من الدول وأهمها بالطبع الدولة افسلامية فى إيران .
وكانت تلك الإشارة الثانية أمام القيادة المصرية لظهور قوة عسكرية برأسين ولكن فى بلد عربى ، ولكن هذة المرة إنتبهت مصر لطبيعة القوة العسكرية الناشئة ، ولكن كان التعامل معها وفق رؤية مشتركة مع دول الخليج وخاصة السعودية وهو ما ثبت فشله بعد ذلك .
هل إنتهت الإشارات ؟
..............................................................................
أدى سقوط نظام الرئيس " صدام حسين " على يد القوات الأمريكية  فى العام 2003 ، إلى إعادة تشكيل القوى السياسية والعسكرية ، ولظروف الإحتلال الأمريكى وتسريح قوات الجيش العراقى القديم ثم إعادة تشكيله مرة آخرى ، ظهرت قوة " داعش " التى إجتاحت العراق ولم يستطع الجيش العراقى صدها ولا الوقوف فى وجهها وأحتلت مساحات واسعة من العراق ، وأستباح التنظيم كل شئ ، الأرواح والأجساد ، مما دعا المرجعية الدينية الشيعية فى النجف الأشرف إلى تكوين ميليشيات مسلحة أطلق عليها إسم " الحشد الشعبى " والتى كان لها دور فعال مع الجيش العراقى والقوات الدولية فى القضاء على تنظيم داعش .
ولكن مع القضاء على داعش تحولت قوات الحشد الشعبى الغير رسمية إلى فاعل رئيسى فى الشآن العراقى وبدأت تحدث إحتكاكات ومناوشات بين تلك القوات والمكونات السياسية العراقية ، مما بدأ ينذر بتشكل قوات موازية على نمط الحرس الثورى الإيرانى وهو ما قوبل برد فعل شعبى وإقليمى ودولى رافض لتلك الخطوة ، وهو ما آدى فى النهاية إلى سن قانون وافق عليه البرلمان العراقى بدمج قوات الحشد الشعبى فى الجيش العراقى .
ومع تلك الإشارة الثالثة يبدوا أن مصر إستفاقت وسارعت إلى مساندة الدولة العراقية فى مواجهة قوات الحشد الشعبى ولجمها حتى لا تقع الدولة العراقية فى براثن حرب آهلية ، ومحاولة إحتواء التمدد الإيرانى فى المنطقة والذى تشابكت أذرعه العسكرية  خارج حدوده لتشمل كامل الإقليم فى سوريا واليمن والعراق بل إمتد إلى أرمينيا واوكرانيا . وأصبح الذراع العسكرى خارج المؤسسة العسكرية هو شبه مهيمن على العلاقات الدولية  فى المنطقة .
....................................................................
فى الأزمة السودانية فى دارفور إحتاجت الدولة إلى من يساعد الجيش فى حربه ضد المتمردين من القبائل الإفريقية ، فقامت بتسليح قوات من القبائل العربية بقيادة " محمد حمدان دقلو " الشهير " بحمديتى" وهو رجل غير متعلم إحترف التجارة غير المشروعه عبر الحدود ، ولكنه يتمتع بقدرات تنظيمية هائلة ، مكنته من تكوين ميليشيات عرفت بإسم " الجنجويد " والتى إرتكبت فظائع وجرائم حرب فى دارفور جعلت المجتمع الدولى ينتبه لها ولخطورتها ، ولكن مع إنتهاء الأزمة ظهر إحتياج آخر لتلك الميليشيات ولكن هذة المرة لمساندة رأس السلطة فى الخرطوم ، فالرئيس " عمر البشير " أراد مساندة قوات ولاءها بالكامل له فى وجه بعض جنرالات الجيش السودانى الذين ينتمون أيديولوجيا لجماعة الإخوان المسلمين فى السودان والذى حدث إنفصال بينها وبين الدولة السودانية عقب مساندتها للإنقلاب العسكرى لعمر البشير فى 1989 .
وقام " البشير " بتقنين وضع تلك الميليشيات وآطلق عليها إسم " قوات الدعم السريع " وأطلق يدها فى كل نواحى الحياة وأصبح قائدها بين يوم وليلة من مرتزق ومهرب عبر الحدود وغير متعلم يحمل أرفع رتبة عسكرية فى البلاد وأصبح لقبه " الفريق حمديتى " .
وتمددت تلك الميليشيات تحت مظله قانونية وشرعية وأصبح لها نفوذ سياسى وإقتصادى ضخم دعمه نفوذ إقليمى دولى ، وأصبح الفريق " حمديتى " رقما صعبا فى الصراع الليبيى والصراع اليمنى ، حيث كان المورد الأساسى للمرتزقة لتمويل آلة الحرب فى تلك الدولتين . وهو ما جعله شريكا فى الثروة السودانية وأحتكر مناجم الذهب  وجزء لا يستهان به من النشاط الإقتصادى .
ولكن مع ثورة الشعب السودانى  19 ديسمبر 2018 ضد نظام " عمر البشير " ، سارع كلا من الجيش وقوات ميليشيا الدعم السريع بالتخلى عن البشير وسط هدير الجماهير فى الشارع السودانى وهذا مكنهما من أن يعيدا إمتلاك زمام الأمور ومسك دفة التفاوض مع الكتل السياسية من أجل الوصول لحل سياسي وتشكيل حكومة وإجراء إنتخابات . لكن تحت السطح كان هناك صراع مكتوم بين قوة الجيش النظامية التى ترى الحق فى أن تحكم وتمتلك السلطة ولا تريد أن تنازعها قوة مسلحة آخرى ، وبين قوة الدعم السريع التى أدت الظروف والعلاقات الدولية وإمتلاك الثروة الذهبية بها أن تحاول إقصاء الجيش عن المشهد وصولا لحكم السودان .
وأصبحنا بين يوم وليلة ، فإذا ما كان مكتوما بالأمس قد أصبح اليوم تراشق بالبيانات العسكرية وبكل أنواع الأسلحة فى العاصمة السودانية " الخرطوم " ومناطق أخرى فى السودان .. وتحول النموذج السودانى من أن يكون نموذجا ناجحا كالنموذج الداخلى الإيرانى وأصبح كابوسا لا يقبل القسمه على إثنين .
وهكذا أصبحت الإشارة الرابعة لمصر كابوسا حقيقيا على حدودها ، فالحرب الأهلية آخر ما كانت تتمناه مصر ، وكذلك وجود قوتين عسكريتين تتحكمان فى مفاصل الدولة الإقتصادية والسياسية والعسكرية يجعل من التفاوض المستقبلى معهما أمرا مستحيلا ! وكذلك من الوارد جدا تورط مصر لمساندة أحد الطرفين إذا إستمر أمد الحرب الأهلية حماية لمصالحها المباشرة .
هل هناك حل أمام مصر ؟
.................................................................................
وهكذا إستفاقت مصر على وضع شبه عسكرى موازي على طول الإقليم وعرضه أصبح يشبه فى قوته ورعبه ثعبان " هيدرا " فى الأساطير اليونانية ذا التسع رؤوس ، ومطالب أن تتعامل عسكريا وسياسيا معها بطبيعة الأمر الواقع وهو ما ينشئ أوضاعا جديدة وإستراتيجيات عسكرية تتماشى مع تلك المستجدات ، فرؤوس الهيدرا تتقاطع جميعها مع الأمن القومى المصري ، الحرس الثورى الإيرانى ، حزب الله اللبنانى ، الحوثيون فى اليمن ، تنظيم داعش ، التنظيمات المسلحة الليبية ، ميليشيات الدعم السريع السودانية  . وبما أن زمن البطل الأسطورى " هيراكليس " الذى قتل الهيدرا قد ولى ، فإن مصر عليها أن تتعامل مع رؤوس الهيدرا بحذر كبير عسكريا وسياسيا وربما إقتصاديا . وأن تتعلم الدرس جيدا وأن أى محاولة لتدريب ميليشيات تحت أى مسمى داخل البلاد هو بداية النهاية لتماسك الدولة .
..........................................................................
العالم بدأ يتجه ناحية تجزأة القوة العسكرية ، وأصبح إستخدام المقاولين العسكريين ، كالشركات الأمنية الخاصة للقيام بأدوار الجيوش مثل " بلاك ووتر" الأمريكية ، و" فاجنر" الروسية  ، أمرا مستساغا ومعتادا لدى كثيرمن الدول ، وعلى مصر أن تتعلم فى ضوء الأزمة السودانية أن التعامل مع دولة ونظامين عسكريين أصبح أمرا معتادا ، ليس فى السودان فقط وإنما فى دول أخرى . لذا يجب أن تكون لغة المصالح واحدة مع مراعاة الإنتباة للقوة العسكرية وسلامة الجبهه الداخلية . وخصوصا مع تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق " إيهود باراك " من تكوين قوات الحرس الوطنى فى إسرائيل كقوة منافسة للجيش ، لأن ذلك قد يؤدى بتلك القوات مستقبلا فى التحكم فى السلاح النووى الإسرائيلى وهو ما لن ترضى عنه القوى الغربية . وهو التحذير الذى جرى التارجع عنه تحت ضغط الجماعات المتطرفة .
....................................................
دولة ونظامين عسكريين .. ومقاولين وشركات أمن .. وحكومات دينية .. واقع إقليمى وعالمى يجب التعامل معه وفق إستراتيجية مصرية محددة الملامح وليس التعامل بالقطعه .


من يفكر بجانب الرئيس ؟!!


 

بقلم / ياسر رافع


هل الديموقراطية الغربية قابلة للتطبيق فى المنطقة العربية ؟

هل الديموقراطية هى الوسيلة الأفضل للتغيير السياسى فى منطقتنا ؟
على ماذا يستند الرئيس أو الحاكم العربى من كتل سياسية أو إجتماعية لتدعيم شرعيته ؟
من يفكر بجانب الرئيس ويعمل على بلورة أفكاره السياسية ؟
كل تلك الأسئلة وغيرها تعتبر من المحرمات فى السياسة العربية ، ولن تجد لها إجابة واضحة المعالم ، وإنما إغراق كامل فى الإتهامات المتبادلة بين طرفين ، طرف يريد ديموقراطية ولا يريد تحمل تبعاتها الممتدة حتى تتجذر فى المجتمع ، وطرف يحكم ولا يريد منافسا محتملا على عرش السلطة .
لماذا وصلنا إلى هذة الحالة ؟!!!
........................................................................................
لقد كانت الحرب الروسية الأوكرانية التى ما زالت تدور رحاها حتى الأن ناقوس مهم لفهم حقيقة ما يجرى حولنا بعيدا عن المسلمات والأفكار المعلبة حول الديموقراطية . فمن يتابع الحرب بعيدا عن دخان المعارك وإختلاط الدماء بالحديد ، وعن بيانات الحرب النفسية على جانبى طرفى الحرب ، فسوف يجد أن هناك جانب مهم تسبب فى إندلاع الحرب ألا وهو الصراع المكتوم بين روسيا ومحيطها الأوراسى وبين أمريكا والغرب حول محاولة تسلسل الديموقراطية الغربية من الفناء الأمامى للجغرافيا الروسية ، وهو الأمر الذى ترفضه روسيا بشده معتبرة أن الديموقراطية الغربية غير صالحة لها ولمحيطها الجيوسياسى ، وقد عبر الرئيس الروسى " بوتين" فى أكثر من مرة أن الديموقراطية والليبرالية الغربية لم تعد صالحه لهذا الزمن ، ولكن أمريكا وأوروبا أرادوا موقع قدم فى المحيط الروسى فى أوكرانيا عبر صناديق الإنتخابات التى عقدت تحت راية الديموقراطية الغربية وهو ما قبول برفض روسى تمثل بإحتلال شبه جزيرة القرم ، بل وصل فى نهاية الأمر إلى الدخول فى حرب مباشرة وإحتلال أجزاء كبيرة من أوكرانيا التى رأتها روسيا رأس حربه لفرض الديموقراطية الغربية قسرا وتهديد الوجود الروسى .
لماذا تخشى روسيا من الديموقراطية الغربية ! أليست وسيلة ناجحه للتطور وتم تجربتها عبر السنين ونجحت فى بلدان أخرى خارج أوروبا وأمريكا ؟!
......................................................................................

لقد إنتهجت روسيا فى عهد الرئيس " بوتين " سياسة عرفت " بالديموقراطية السيادية " وتلك السياسة قائمة على السيادة والتدخل المباشر للدولة فى إدارتها على أساس أن الحقوق الفردية لا يمكن حمايتها إلا عندما تكون الدولة قوية وقادرة على أن تكون فى طليعة المدافعين عن تلك الحقوق ، وذلك من منطق عدم إعتراف روسيا بنجاعة النموذج الغربى الديموقراطى الغربي القائم على الفردية ، أى أننا أمام نموذج روسى تريد روسيا أن تثبت نجاحه فى مواجه النموذج الغربى ، وهو نموذج قائم على حاكم أوتوقراطى سلطوى فى شكل ديموقراطى عبر مؤسسات شكلتها الدوله وتحميها المؤسسه العسكرية ، ووفق أفكار شعبوية قومية تضمن إستمرارية  نهج " بوتين " السلطوى .
لكن بعد خسارة الجيش الروسى لبعض المناطق فى أوكرانيا وإنسحابه منها وخاصة مدينة " خيرسون " خرج علينا الفيلسوف الروسى " أليكسندر دوغين " الذى يعتبر العقل الذى يفكر بجانب " بوتين " بمقال تحت عنوان " أمام بوتين خياران النصرأوالقتل " ، أعتبر معبرا عن مأزق الديموقراطية الروسيه الوليدة ، حيث شن فيه تحريضا للرئيس لبذل مزيد من العنف فى أوكرانيا ، حيث وجه فى بدايته نقدا مباشرا للرئيس ومحملا إياه سلسلة الهزائم قائلا " هناك شخص واحد هو المسؤول عن كل ذلك وإلا فما هو معنى الأوتوقراطية التى لدينا ؟ نحن نمنح الحاكم القوة المطلقة لكى ينقذنا ، الشعب والدولة والمجتمع فى اللحظات الحرجه حتى لو كان هذا الحاكم  يحيط نفسه ببطانة سوء شريرة "
" لو لم يتمكن الحاكم الأوتوقراطى من حمايتنا فما هو مصيره ؟ سيكون بكل بساطه مثل مصير ملك الأمطار الأسطورى " يتم قتل الملك المقدس لو لم يسقط المطر فى الوقت المحدد "
" الإستبداد أيضا له جانب سلبى ، الإستحواذ على القوة المطلقة وكامل السلطة لتحقيق نتائج ، ولكن أيضا تحمل كامل المسؤولية بشكل منفرد عند الفشل ،على القائد أن يسأل نفسه ما الذى يريده حقا ؟ "
ومما ذكر يوضح " أليكسندر دوغين " جوهر الديموقراطية السيادية القائمة على الحاكم الفرد السلطوى المدعوم بالقوة المطلقة ، ولكنه أمام حيوية الديموقراطية الغربية فى إتخاذ القرار فى الحرب الروسية الأوكرانية ، نراه يحاول دفع الرئيس" بوتين " نحو تبنى سياسة أكثر تشددا قائلا " الإنتقال الفورى من الديكتاتورية السيادية إلى القيادة العقائدية ، أى تبنى أيديولوجية سياسية واضحة لقيادة الدولة والمجتمع وهو ما كاد أن يفعله القائد ، لكن كالعادة تراجع مرة أخرى حتى ضاعت خيرسون "
هكذا ببساطه تحدث عقل بوتين والمفكر بجانبه عن ديموقراطية روسيه تجنح نحو الديكتاتورية السيادية والتى تعانى مأزق جعلها أكثر تشددا عند مواجهة الديموقراطية الغربية فى الميدان .

هل الديموقراطية الروسية بمأزقها الحالى صالحة للتطبيق فى الدول العربية كحل لهروب الأنظمة العربية من تبعات تطبيق الديموقراطية الغربية على بقاءها فى السلطة ؟
........................................................................................
بعد ثورات الربيع العربى فى العام 2011 وما تلاها ، كانت الديموقراطية بمفهومها الغربى حاضرة وسط صيحات الجماهير العربية الثائرة فى الميادين التى تريد تطبيقها لتخلصها من إرث سلطوى إستمر لعشرات السنوات منذ حركات التحررالوطنى أواسط خمسينات القرن العشرين ، لكن مع مرور السنوات تحول ذاك الربيع إلى شتاء قارس تلطخ جليده بدماء الناس فى الشوارع بفعل الحروب الأهلية والصراع على السلطه ، وتراجعت الوتيرة الثورية وأصبح المتاح ليس ديموقراطية غربية وإنما ديموقراطية شبيهه بالنموذج الروسى ، ولكنها لا تكتسب نفس قوة النموذج الروسى لعدة أسباب أهمها عدم تمتعها بالقوة العسكرية الجبارة التى تحميها فى مواجهه القوة الغربية التى تريد تجذير نموذجها فى المنطقة العربية ، وكذلك تراجع قواها الإقتصاديه ودخولها فى مأزق إقتصادى خانق ، وهذا جعل من الديموقراطية بعد الربيع العربى نموذج مشوه ، فالسلطه لا تريد ديموقراطية على النسق الغربى يهدم أسس بقاءها وهيمنتها وعينها فى ذلك على النموذج الروسى الذى يعزز مكانة رأس الدولة ويمنحه سلطات كاملة تجعله يفكر ويحدد سياسة الدولة منفردا مدعوما بكتل سياسية مصطنعة تحميها قوة المؤسسة العسكرية ، وفى الوقت نفسه أيضا لا تستطيع أن تتبنى النموذج الروسى بالكامل خوفا من تبعات العقوبات والحصار الإقتصادى الغربى والأمريكى الذان تقعان ضمن مناطق نفوذه التقليدية .
لهذا نجد شكل ديموقراطى عربى سلطوى وأصبحنا أمام مأزق سياسى كبيرلا يفرز شيئا فى سبيل تطور سياسى محتمل يسايرالواقع ويخاطب المستقبل ، وأصبح غياب الساسه المحترفين وأصحاب الأفكار هو السمه الغالبة على مشهد السياسة العربية أمام تفرد السلطة بكامل المشهد السياسى دون سواها ، بل لم تعطى السلطه العربية أى مساحة ولو بسيطة لأى مفكر سياسى أو فيلسوف ليفكر بجانبها ويبلور لها أفكارها ويخاطب الجماهير تحت راياتها .
فهل نطمح أن نجد بجوار السلطة العربية مفكرا أو صحفيا نابها ليعرفنا ماذا تريد أن تفعله أو تقدمه للواقع الديموقراطى العربى ؟!
...................................................................................
أعتقد أن الأنظمة العربية الشمولية تغازل النموذج الديموقراطي الروسى وتريد تطبيقه لأنه يناسب طبيعة التركيبة السياسية فيها ، وهى تحاول جاهدة الإفلات من الضغوط الغربية والأمريكية لتطبيق الديموقراطية الغربية حفاظا على إستقرارها فى السلطة . وأعتقد أيضا أن أمريكا والغرب لن يضغطا كثيرا لتطبيق الديموقراطية الغربية لكنهم فى المقابل لن يسمحا بتطبيق النموذج الديموقراطى الروسى ، وإنما سيرضيان بواقع عربى سلطوى إعتادوا عليه فى التعامل  قبل قيام الربيع العربى من أجل الحفاظ على مكاسبهم السياسية والإقتصادية والعسكرية . لهذا ستبقى كل الأسئلة حول الديموقراطية ومدى تطبيقها وقابليتها فى النمو فى الأرض العربية  !! وكيف يفكرالرئيس فى إدارته للدولة !! وكذلك التعلق بفكرة ظهور مفكر بجانب الرئيس ليوضح ويشرح فلسفة السلطة فى إدارة البلاد !! كل هذة الأسئلة ستظل معلقه تبحث عن إجابه حتى تستقر الدولة على شكل سياسى أو نموذج سياسى يحدد ماهية الحكم وفق إرادتها وحدها بعد غياب كل القوى السياسية عن كامل المشهد السياسى .
وحتى ذلك الحين ، يبقى السؤال الأكثر حيرة فى السياسة العربية ، مع من يفكر الرئيس لإدارة الدولة ؟


مصر فى عين عاصفة الحرب الروسية الأوكرانية


 

بقلم / ياسر رافع

فى بداية الألفية الجديدة ، وعلى قناة الجزيرة القطرية سئل الكاتب الصحفى المصري " محمد حسنين هيكل " على هامش حلقاته الشهيرة بالقناة ، أين يصنع القرار العربى الآن ؟ فأجاب بأن القرار العربى يصنع فى القاهرة ومن داخل القاهرة يصنع من خلال المؤسسة العسكرية ( بإعتبار المؤسسه العسكرية هى اللاعب الرئيسى من خلف الستار فى السياسة المصرية ) .
لهذا وإن كان القرار العربى  يصنع فى القاهرة لسنوات ، فإنه وبعد بداية العشرية الثانية من الألفية الثانية يبدوأ أيضا أن هناك إنكسارات حادة قد حدثت فى السياسة الدولية والإقليمية قد جعلت من صنع القرار فى القاهرة محل شك ، فقد تغيرت معطيات السياسة فى المنطقة مع بداية ثورات الربيع العربى التى خصمت من رصيد السياسة المصرية وحركتها فى كامل الإقليم .
ما الذى حدث ! وما الذى تغير ؟!!
........................................................................................
مع بداية ثورات الربيع العربى تغيرت ملامح الخريطة الجيوسياسية فى المنطقة ، ودخلت القاهرة فى دوامه من الفوضى جعلتها تحاول إعادة ترتيب البيت داخليا مما جعلها تنكفأ على نفسها فى محاولة عدم السقوط فى هاوية الحرب الأهلية التى أصيبت بها بعض الدول العربيه مثل ليبيا وسوريا واليمن ، وهذا مكن بعض دول الجوار الإستراتيجى لمصر مثل تركيا وإيران من لعب أدوار رئيسية فى داخل العمق الإستراتيجى للقاهرة ، وقد حدث ذلك فى التدخل الإيرانى فى الحرب الأهلية اليمينه ، والتدخل التركى فى الحرب الأهلية الليبية ،
ومع ضغوط الأزمة الإقتصادية الطاحنه ، ورغبة القاهرة ونظامها السياسى الجديد بعد 30 يونيو 2013 فى إعادة فرض النظام الداخلى وتعويض ما فقدته من تنمية إقتصادية ، فقد بدا أن ما فقدته نتيجة ثورات الربيع العربى إستراتيجيا صعب تعويضه وسط حالة السيولة التى تجتاح المنطقه والعالم بسهولة ، فقد أصبحت أدوار إيران وتركيا وإسرائيل كلاعبين رئيسيين فى المنطقة واقع يجب التعامل معه وفق آليات ومعطيات جديدة ، تأخذ فى إعتبارها الأوضاع الجيوسياسة الجديدة ، والإقتصادية الناشئة عن التحالفات العربية الإسرائيلية بعد إتفاقات إبراهام الشهيرة .
فهل تسطيع القاهرة تعويض ما فقدته ؟!
....................................................................................
مع إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية سادت حالة من الإستقطاب بين الكتاب والمحللين السياسيين والإستراتيجيين فى مصر ، فقد راح فريق يناصر روسيا التى ساندت القاهرة فى حربها ضد إسرائيل وضد قادة أوكرانيا المدعومين أمريكيا ، وفريق آخر يناصر الموقف الأمريكى الأوروبى من منطق أن روسيا دولة معتدية وأنها السبب فى الكوارث التى حلت فى العالم وساعدت على تفاقم الأزمة الإقتصادية التى تعيشها القاهرة ، وتراشق الطرفين فيما بينهما لإثبات صحة منطقه ، ولكن الفريقين قد أكدا بما لا يدع للشك أنهما ينتميان إلى فترة الحرب الباردة وطريقة تفكيرها والتى تجاوزها الزمن فلم تعد روسيا هى الإتحاد السوفيتى ولا أمريكا أصبحت ترى العالم بنفس منظور الحرب الباردة وخصوصا فيما يتعلق بمصر .
فروسيا غيرت من إستراتيجيتها فى التعامل مع العالم العربى بشكل كلى وجعلت من دول الشرق الأوسط مجال عام لحركتها فى شكل علاقات ثنائية فقط مع أقطابه كما جاء نصا "
 تنوى روسيا تطوير علاقاتها على المستوى الثنائى والإقليمى مع تركيا ومصر والجزائر وإيران والسعودية وسوريا وليبيا وباكستان "
وكذلك تقديم التعامل مع العالم الإسلامى على العمل مع العالم العربى وذلك وفق " وثيقة مفهوم السياسة الخارجية " والتى تم التصديق عليها من الرئيس " بوتين " فى العام 2013 .
وكذلك أمريكا التى وفقا لإستراتيجيتها للقرن الواحد والعشرين ، تريد ترتيبا يضمن مصالحها فى الشرق الأوسط يضمن حصارا لروسيا و الصين ، ولكنها لم تعط أدوارا للدول العربية فى هذا الترتيب ، وإنما بنت تصوراتها للأمن فى الشرق الأوسط على دول الجوار العربى كإيران وتركيا وباكستان وإسرائيل .
لهذا جاء تصويت مصر فى الأمم المتحدة على قرار يدين التدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا نمطيا متماشيا مع " نص " مكتوب فى ميثاق الأمم المتحدة ، ولكنه يعكس حالة عدم اليقين من مساندة روسيا التى تفضل العلاقات الثنائية بعيدا عن لتصورات القاهرة فى كامل قضاياها بإقليم الشرق الأوسط وأفريقيا . وكذلك عدم الإطمئنان لنوايا أمريكا فى المنطقة والتى تملك مفاتيح القوة فيها .
وزادت الحيرة فى القاهرة ، وقد أصبحت سيولة الأحداث والتحالفات تشكل هواجس مفزعه للمستقبل !!
............................................................................
مع تصاعد وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية ، وإمتدادها لشهور بعد تقديرات روسية خاطئة لزمن بدايتها وإنتهاءها ، أصبحت القاهرة فى عين العاصفة الناتجة عن تلك الحرب والتى تجتاح العالم أجمع ، وكان تهديد سلاسل الإمداد الإقتصادى العالمى عامل ضغط إقتصادى رهيب زاد من حدة الأزمة الإقتصادية الممتدة منذ سنوات ، حيث تعتمد القاهرة على غالبية إحتياجاتها من الغذاء ومدخلات التصنيع من الخارج وهو الأمر الذى آثرعلى أداءها داخليا وخارجيا .
وكان لدخول تركيا كلاعب إستراتيجى فى الحرب الروسية الأوكرانية وذلك عبر إعتمادها كوسيط له ثقله فى محيطة الجيوسياسى ، وكذلك إشتراكها كلاعب أصبح له ثقل فى سوق السلاح العالمى عبر تنقية الطائرات بدون طيار " البيراقدار " والتى أثبتت فعاليه عالية فى الحرب بجانب أوكرانيا . وكذلك دخول إيران لتعويض خسائر روسيا فى الحرب عبر طائراتها بدون طيار وصواريخها الباليستيه ، وكذلك إسرائيل بجانب أوكرانيا بأسلحتها . وهو الأمر الذى يشى بأن إعتماد قوى من خارج الإطار العربى لتنظيم مسألة الأمن فى الإقليم بات محل لا شك فيه وسيصبح أحد نواتج الحرب الروسية الأوكرانية كمكافاة للأطراف المشاركة فى الحرب .
أضف إلى ذلك ظهور إيران وتركيا وإسرائيل فى أثيوبيا والقرن الأفريقى وفى منطقة الصحراء والساحل والمغرب كلاعبين آساسيين وهو ما يضيف أعباء طويلة الأمد .
فماذا تفعل القاهرة وسط هذة العاصفة ؟!
..............................................................................
لقد كانت الحرب الروسية الأوكرانية بمثابة صاعق كهربائى أصاب القاهرة وشل حركتها فجأة ، فالأزمة الإقتصادية زادت حدتها وهوت بعملتها وزادت من معاناة الشعب الذى تحمل كثيرا ، مما جعلها فى موقف حرج داخليا ، ومساحة كبيرة أعطتها الدول الكبرى المشاركة فى الحرب لدول الإقليم كتركيا وإيران وإسرائيل للعب أدوارا عبر التحالف معها ، وهو ما ينذر بمستقبل جيوسياسى مختلف عما هو الأن .
وأصبح حليف القاهرة فى الخليج هو البطن الرخو فى السياسة المصرية ، فهو ليس مأمون الجانب حيث يغير تحالفاته سريعا ، فهو من عدو لإيران إلى سعى للمصالحة والبحث عن ترتيبات للأمن فى الخليج ، وتركيا تحولت من عدو بعد أحداث الربيع العربى إلى حارث للأمن بقواتها فى الخليج ، وشريك إقتصادى وعسكرى لإسرائيل ، بل ويغازل الصين وروسيا تحسبا لزمن قادم تقل فيه الهيمنه الأمريكيه على المنطقة .
مع ذلك لم تفقد القاهرة بعد أدوات صنع القرار العربى على الرغم من الحديث عن خليج يملك المال ودول إقليمية كبرى تملك القوة والتكنولوجيا وتريد لعب أدوار جيوسياسية وهذا حقها ، فلا زالت تملك أدوات التأثير فعلى الرغم من الغياب السياسى خلف ضبابية المشهد وتشابك المصالح ، فلا زالت المؤسسة العسكرية المصرية قادرة على تغيير معادلات السياسة والقوة ، بشرط أن تتجاوز مصر أزمتها الإقتصادية .
ويجب أيضا أن لا تجلس القاهرة مكتوفة الأيدى داخل حدودها إنتظارا لمرور عاصفة الحرب الروسية الأوكرانية ، فكل دول المنطقة بلا إستثناء بدأت تحدد مع من تكون ! ومع من سيكون شكل المستقبل !

لقد خصمت الحرب الروسية الأوكرانية من رصيد القاهرة الجيوسياسى ، وهذا صعب تعويضه حاليا إلا إذا حددت القاهرة موقفها الإستراتيجي من العلاقات مع روسيا وأمريكا وقوة المستقبل الصين ، وكذلك رؤيتها وموقفها من إيران وتركيا وإسرائل ، وذلك وفق رؤية القاهرة لحجمها وتأثيرها فى محيطها الجيوسياسى والإستراتيجى .
وإلى أن تهدأ العاصفة ، فالقاهرة تستطيع أن تتجاوزها ولكن بأى تصور للمستقبل ؟ هذا مرهون بما تملية السياسه على قادتها .

لا ترقصوا علي جثث الشهداء


 


 ياسر رافع 

من أسوأ التقاليد السياسية التي ترسخت في وجدان العرب والمسلمين هو ما إبتدعته الخلافة العباسية بعد أن هزمت الخلافة الأموية حيث لم يكتفوا بقتل أمراء وجميع من إنتسب إلى البيت الأموي بل كانوا يخرجون جثث او ما تبقى منها من جثث خلفاء بني أمية السابقين ويقومون بجلدها وتقطيعها وحرقها إنتقاما وتشفيا.

وعلى الرغم من تواري هذا السلوك الهمجي كفعل شائع إلا إنه إنتقل إلى السياسة وأصبح هو السلوك الحاكم على فكرنا، حيث الإنتصار للماضى ولإفكار بعينها حتى ولو إنتهكنا حرمات الموتى في القبور. وأصبح معيارنا الذي لا يحيد عنه أصحاب الأفكار المختلفه هو القاعدة الفقهية " من إنكر شيئا معلوما في الدين بالضرورة فهو كافر".  فأصبحت الأفكار مقدسات وثوابت لا يمكن الإقتراب أو المساس بها.

وأصبحنا في المناسبات نستدعي فعل إستخراج الجثث لنجلدها ونتراشق بالتكفير. وياليت وقفنا ذلك بل نحاول أن نطمس تاريخا ناصعا مشرفا ونجعل ممن ضحوا بشرف وكأنهم مجرد قتلي لا قيمة لهم.

ما معنى أن يخرج من إختلف مع السادات جثته من القبر ويشيعونها باللعنات ويتمنون فعل العباسيون ويقتحمون قبره ويحرقوا جثته لأنه أنكر مما فعله عبد الناصر وأنكر ماهو معلوم بالضرورة وكفر بالوطنيه بحسب مفهومه . ويتمادون لإنكار نصر أكتوبر وينتقصون منه ويصفونه بالمسرحيه وتناسوا أنهم بذلك ينبشون قبور شهداء فاضت روحهم دفاعا عن الأرض والعرض. شهداء إختارهم الله إلى جواره تكريما وتشريفا لإعلائهم كلمته . وشباب إختلطت دمائهم بالرمال وتقطعت أوصالهم دفاعا عن وطن يجمعنا.

يا أيها الأخ والإبن ويا أيها الحفيد لا تعطي الفرصة لكل من يريد أن يخرج شهيدكم ليرقص على جثته فرحا وشماته في السادات على خلفية الخلاف السياسي. فهذا الشهيد وهذا الشيخ الذي شارك في الحرب هم عنوان شرف هذة الأمة. هم الذين أحرزوا النصر الوحيد لهذة الأمة خلال 182 سنه منذ معاهدة 1840.

يا محترفي نبش القبور وأنصار التكفير الفكرى من أصحاب التيارات السياسية حنانيكم على الأجيال الحالية فهم يريدون قدوة ولا يريدون ماضي لم يشاركوا في صنعه ولا يريدون دفع فواتيرة. وإذا كنتم غير راغبين في عدم الإستماع للنصح. فلا أقل من أن تتركوا جثث شهداء أكتوبر 1973 التي صعدت إلى بارءها وهي مقتنعه أنها إنتصرت للحق وقلدت وطنا إكليل غار النصر. وطوقت أعناق ذويها بمجد وفخر لأجيال متعاقبة. إتركوهم ولا تشوهوهم في عيون الإبن والحفيد

#نصر_أكتوبر_49

#أكتوبر_إرادة_وطن